![]() |
||||
مناسبة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم: إن أخطر ما يصاب به الناس الغفلة عن المصير ، وصدأ القلوب ، وأن لا نضرع إلى الله في يومنا هذا وفي بيته وجمعكم متجه إلى قبلته ، اللهم بصرنا بمصيرنا ، اللهم نور قلوبنا ، اللهم اشرح للحق صدورنا ، اللهم ألهمنا شكرك ، وحبب إلينا ذكرك. نحن على موعد مع معايشة مباركة لباقة نورية من أخلاق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ولابد للموضوع من تقديم وتمهيد وإرساء قواعد . أخي المسلم ، إن للعظماء حقاً صفات بها عظموا ، و أعمالاً بها علو ونبهوا ، صفات العظماء مناقب وفضائل ، وأعمالهم المرئية والمسموعة والمدركة هي الشواهد والدلائل ، وأقول : العظماء حقاً ؛ لأن هناك عظمات زائفة موهومة ، هناك عظمات صنعتها الأهواء الذاتية ، ورفعتها المآرب الشخصية ، فكم من طغيان سمي إصلاحاً ، وكم من جبروت سمي حزماً ، وكم من فوضى جعلت حريةً ، وكم نرى من انحلال يعد حضارةً وتقدماً. إذا كان التاريخ قد عرف بعض العظماء وسجل لهم ما سجل ، واحتفل به مئاتهم أو بعض الشعوب ، فقلبوا النظر ، وأديروا الفكر فيم سميت لهم الميادين ؟ ، وفيم أقيمت لهم التماثيل؟ وفيم عقدت لهم المهرجانات ؟ في الذين اتخذوا مثلاً قلبوا النظر فيهم ، في أي باب كانت عظمتهم ؟! في أي جهة كان مجدهم ؟! ماذا قدموا للناس؟! وهل عظمتهم عظمة مجمع عليها ؟ أم هي أمر متنازع فيه؟! هناك محب مغرض ، وهناك كاره ، هناك محب مبالغ، وهناك كاره مبغض .. مهما سجل التاريخ للعظماء حتى العظمة الصادقة. فما من عظيم من الناس إلا وقد عظم في جانب من الجوانب ، أما العظمة الجامعة المانعة، العظمة الإنسانية الكاملة ـ فهي المتمثلة في محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، لا نقول هذا بدافع أننا مسلمون ، ولكنها شهادة العالم ، مؤمنوه وكافروه يشهدون بعظمته وسلوكه وعلوه في عالم البشرية. غير أن المسلمين يزيدون الإيمان بنبوته ورسالته ، وهم ـ غير المسلمين ـ لا يؤمنون بهذه الرسالة ، ومنهم من يؤمن بها ، ولكن يحجبها ويقيدها ، ويقول : إنه مبعوث للعرب ، ولم يبعث للعالمين ، محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي يتلقف الناس بعض أقواله ، ويتكلمون عن أخلاقه وهم لا يعرفون عن الأخلاق شيئاً ، يتكلمون عن حديثه بالأخلاق بغير أخلاق ، من دقائق الأخلاق الصدق في الفهم ، الصدق في البيان ، الصدق في التوعية. وهناك من يتلقفون قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" ، وكأن الأخلاق في صورها الشكلية هي كل شيء ، أما الحلال والحرام ، وفرائض الدين فذلك أمر هين ويسير ، لا إله إلا الله ، يبررون بالحديث قصورهم وزيفهم وتضليلهم ، وتلقف كثير من العامة هذا الفهم الخاطئ ، الظالم ، الجائر ، وسخروا من المتعبدين المتمسكين، وقالوا : إن المسألة ليست صلاة ، ولا زكاة ، ولا صوم ، ولا حجاب ، ولا عفة ، ولا سترة ، المسألة مسألة أخلاق ، قولوا لي : أين هي الأخلاق ؟! يأخذون بيانه وإرشاده ، ويحرفونه عن مواضعه ؛ ليبرروا به ثقل العبادات عليهم ، الأخلاق ـ أخي المسلم ـ تتلاقى مع الخَلْق. رسول الله صلى الله عليه وسلم .. انتبه أخي المسلم وانتبهي أختي المسلمة فليس الأمر هزلاً ، نحن في بيت الله وفي يوم جمعة يوم الشحن والإعداد ، والتسجيل والإرشاد، خَلْق وخُلُق نطق بهذين اللفظين سيد الخلق ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتضرع إلى ربه قائلاً : "اللَّهُمَّ أَحْسَنْتَ خَلْقِي فَأَحْسِنْ خُلُقِي" ، الخَلْق الصورة الظاهرة البدنية ، والخُلُق هيئة داخلية نفسية ، والإنسان مركب من أمرين : جسدٍ يرى بالبصر ، ونفسٍ بروحٍ تدرك بالبصيرة ، وكل أمر له قدره وحجمه ، وله وسائله وطرقه التي تتلائم مع ذلك الحجم وتلك القمية. البدن له قيمته ، ولذلك يدرك بآلة مادية وهي البصر ، والنفس لها مكانتها السابقة لذلك تدرك بالبصيرة ، أخذنا هذا المعنى من كتاب ربنا حيث يقول الله جل جلاله { إني خالق بشراً من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين}........ للاستماع إلى المزيدِ حولَ مولد الرسول صلى الله عليه وسلم:
|
البحث في الموقع
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
|||
|
|
|||
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ توفيق سرور رحمه االله 2015 - 2025 تصميم وتطوير شركة أيزوتك |
||||